الأربعاء، 21 مايو 2008

لماذا عليهم أن يرحلوا ؟!

فتحتُ باب غرفتها ووجدتها تلملم حاجياتها بسرعة وتركيز شديدين..
كيف يجتمع النقيضان؟!
فعلا تظهر لبني آدم طاقات جبّارة عندما تضيء مصابيح الطوارئ الحمراء..
تقف لثوانٍ..تضع أصبعها في فمها.. تحدث نفسها لبرهة..ثم تعاود الهرولة..
لم تنتبه لوجودي!
أبواب الدواليب والأدراج جميعا فاتحة أفواهها.. تكاد تلفظ ما فيها..
وهي تنتقل بينها وبين حقائبها التي تمتلئ بسرعة..
خيّل إلي أنها قبور مفتوحة.. تبتلع كل ذكرياتنا معها خلال السنوات ال24 الماضية التي عرفاناها فيها..
مر شريط ذكرياتي أمامي بسرعة.. صورٌ رمادية عديدة..لأيام جمعتنا بها..
أطفالا نأكل الحلوى..نتسابق إلى الأرجوحة..نعود من المدرسة..نبكي ونتعارك..
نشاهد الأفلام.. نسهر إلى الفجر.. نتحدث في كل شي..
أسواق ومطاعم.. حدائق وفنادق..
جمعات الأعياد.. ليالي رمضان.. أوقات الإجازات.. ذكريات السفر..
أيام الدراسة.. قصص المعلمات.. مشاكل الطالبات..
أحلام التفوق.. فرحة الشهادة.. مرحلةالجامعة..
كبرنا معا.. أكلنا معا.. نضجنا معا..
لهونا معاً.. ثم اهتدينا معاً..
رحلة الحج التي جمعتنا.. فقربتنا وعانقت أرواحنا أكثر وأكثر..
كم تآلفنا.. كم تصارحنا.. كم اختلفنا.. كم تشاركنا الهموم والأفراح.؟!
واليوم......
ترحلين عنّا ببساطة ..
يوم ترتدين غدا فستانك الأبيض لتقرري العيش في منزل جديد مع أناس آخرين!!
عجيبٌ أمرك يا أختي!!
ولمَ؟! أنت لا تعرفينهم! كيف تخرجين من بيتٍ كبرتُ في أرجائه..
فيه نطقتِ وخطوتِ وأكلتِ وتعلمتِ حتى كبرت وصرتِ أنتِ!
كيف تخرجين من بيتٍ نحن فيه؟! تعلمين أننا بالحب نعيش وعليه نلتقي..
غدا ترحلين عنّا ولا تعودين إلينا إلا ضيفةً زائرة!
بدأت دموع عيناي تترقرق.. مسحت دمعة ساخنة بللّت وجنتي قبل أن تشعر بي..
بقدر فرحي بفرحها.. قلبي يتقطع حزنا على رحيلها..
من شاركتني غرفة نومي وشاركتها..
غدا أعود من حفل زفافها وأبيت في هذه الغرفة لوحدي!
وسأستيقظ وأمي في الصباح التالي نتناول فطورا بارداً لوحدنا..
لا أدري إن كنتِ ستشاركينا الأفراح والأعياد بعد اليوم..
لا أدرك كيف لا تكونين هنا عندما تعصف بنا عاصفة أو تمر بنا ضائقة!
لا أتخيل أنك لن تكوني معنا..لا تشاركين في قرارات حياتنا..
تصلك أخبار بيتنا باردة قديمة عبر سماعة الهاتف..
لم أستطع أن أستوعب كل هذا ؟!
ولم أرد أن أعكر عليك صفو أجمل أيام عمرك...
تناولتُ ورقة صغيرة .. وخططت فيها رسالة سريعة..
طويتها ووضعتها في حقيبتك..
ثم أغلقت باب الغرفة بهدوء وانصرفت..




ليست هناك تعليقات: