الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

مبروك يا عروس

كان موعد زفافك يقترب يوماً بعد يوم .. وفي حلقي تلك الغصة التي تسرق مني فرحتي بين الحين والآخر..
أحاول أن أتناسى.. أن أدفن صور الماضي في قبو النسيان..
تغيب الصور.. يحل السواد.. فأسمع أصواتنا..
صوت ضحكتك الذي ما غاب يوماً.. وكيف له أن يغيب .. فقد كان دوما مميزا..
كلما تذكرت أنك على موعد قريب مع شي انتظرته طويلا وكنت أنتظره معك.. حتى تفرقنا..
أشعر بالحزن..
على ماذا؟! ألأني لن أكون بجانبك يومها..؟!
فكرت ألا أحضر.. فلم تصلني تلك الدعوة التي رجوت وتمنيت!!
فقد كنت صادقة فعلا بقطع الوصال ووأد الذي كان!
ربما تمنيت لو كانت مجرد نوبة غضب وتزول..
ورغبة في الانتقام حلقت عليا ثم تهاوت كطير مهزوم!!
ضننتك بموقف كهذا ستلينين.. ولكنك لم تفعلي!
رأيتك تجوبين قبلها بأسبوع في الممرات المظلمة في وقت متأخر..
رأيتني.. رأيتك.. التقت عينانا.. فأشحت بنظرك..!!
آلمني الموقف بشدة..
قلت لن أحضر.. لا يمكن أن أفعل!!
تذكرتك في زفافي تختالين بفستانك بين الحضور .. كأخت لي أو أكثر..
صورتنا معا.. لا تزال معي..
دخولك علي قبل الجميع .. مساعدتك لي في ارتداء فستاني..
نظراتك.. دعواتك.."
لم أستطع ألا أفعل.. جاء اليوم المنتظر.. ركبت السيارة واتجهت إليك..
لا أعلم إن كنت تتوقعين حضوري أو تأملينه..
أو أنه ما عاد في النفس شي يذكر بماض جميل..؟!
دخلت إلى القاعة.. كانت بيضاء جميلة..
كجمال ابتاسمتك..
رأيت أمك وأختك..
لم يستطعن إخفاء آثار الصدمة..!!
نعم فقد غاب وجهي عن بيتكم أشهرا طويلا...
استقبلوني وأجلسوني...
أحسست بشي غريب..
أنت في الأعلى تتزينين وتستعدين وأنا هنا كأي أحد.. كأي شخص مدعو.. ينتظر إطلالتك !
لاحظت أنه لم يشغل مكاني أحد .. أدركت هذا .. فكل من تعرفين يجلس هنا.. أنت وحدك فالأعلى ..
أختلس النظرات هنا وهناك.. أرى كرسيك الذي ينتظر أن يتزين بك..
اتذكر يوم زفافي .. وأنا أختال على الممر وأنت بجانبي تتابعيني بنظراتك من خلف عدسات الكاميرا.. أبتسم لك وأتابع المسير..
أنتظر .. أشغل وقتي بالحديث مع صديقاتي..
يطفأ النور.. تتأهب القاعة لاستقبالك.. وأنا لا أستطيع الإلتفات! حتى فتح الباب فخرجت !
اختلست نظرة إليك..
من بعيد أحاول أن أتأملك..
هل أبحث عن السعادة في عينيك ؟! فأنا أعرفها يوم تتصنع ويوم تنبع من قلبك!!
هل أبحث عن اكتمال جمالك وزينتك؟! فلم أكن لأسمح - إن كنت معك - أن تظهري بمظهر لا يليق بك!
هل أبحث عن ضالتي فيك؟! فأنت الماضي الذي رحل عني ولم أستطع استيعاده...!
ها أنت تختالين وتمشين.. بكامل جمالك وهيبة الموقف..
أطرقت رأسي لم أستطع أن اكمل النظر.. خنقتني العبرة.. أين أنا منك اليوم؟؟!
أتنتقمين مني؟!
هنيئا لك لقد فزت!!
نظرت إليك من جديد.. تمتمت: اللهم أسعدها كما أسعدتني فهي تستحق!
بدأت تقتربين.. أكاد لا أعرفك.. جميلة كما عهدتك بل ربما أجمل...
واثقة بمشيتك.. سعيدة جداً .. أكاد أجزم..
لقد حصلت على ما كنت تنتظرين و تأملين لسنوات..
بدأت تقتربين وتوزعين ابتساماتك بين الحضور.. وتبحثين في وجوههم عن صحبك الأقربين..
لم تستطع عيناك اصطياد مقعدي.. فاتجهتا إلى الطاولة الأخرى التي ضمت جميع أصدقائك وأخذت لهم تضحكين من قلبك..
فأحسست أن ما جئت لأجله قد انتهى وأن علي المغادرة الآن..
وصلت لنهاية الممر.. ووجهت خطواتك نحو كرسيك..
التفت للخلف كتحية أخيرة للحضور..
فوقع ما لم يكن بالحسبان.. التقت أعيننا!!!!!!!!
رفعت حاجبيك وابتسمت.. فلم أحرك شفتاي بشي....
كان الزمن متوقفا عندي .. ويمشي عندك بسرعة كأي عروس..
موقف لم يعلم أغواره وأسراره سوى الله وحده.. جلّ في علاه!
جلست أخيرا كملكة .. فتوجه الجميع لتهنئتك.. وسحبتني صديقتي لأفعل مثلهم..
اقتربت منك.. كنت اعلم أنك تعلمين أني التالية.. أني من أقف خلف الأولى في طابور المهنئين...
نظرت إليك بشرود لم أستطع أن اخفيه.. وكنت تحييني بابتسامة حزن لم تستطيعي انت الأخرى أن تخفيها..
ربما لم نلتقي قبل اليوم إلا في هذا المكان.. وكانت الأدوار متبادلة..
أو ربما التقينا في مرات أخرى معدودة ولكنها غير جديرة بالذكر..
نظرت إلي وإلي بطني.. لم تستطيعي تحاشي اطلاق هذه النظرات..
مددت يدي.. وقلتها لك: مبروك!
فابتسمت..
وأدرت ظهري ورحلت..
وأغلق هذا الفصل من قصتي معك..
في موقف يوم زفافك ..
على منصة العروس!


هناك تعليق واحد:

رذاذ المطر يقول...

كم هو مؤلم يا ابنتي أن نفقد من نحب ؟

..............

تخيلت كل لحظة مررت بها وكأنك
أمامي تنظرين .. تشيحين بنظرك
.. تتألمين .. تخفين حزنا بين عينيك

كأنك أمامي